الحلقة الـ 44 من كتاب « كيف نعلم أبناءنا تحمل المسؤولية » للكاتبة الكبيرة : « سلوى المؤيد » تحت عنوان : كيف نضع الحدود لابناؤنا المراهقين ؟ .....................................
كيف نتصرف مع أبناؤنا عندما يصلوا إلى سن المراهقة ؟ ....هل هناك أساليب خاصة علينا استخدامها للتعامل معهم خلال هذه السنوات الهامة والخطرة أحياناً ..التي يشعر فيها الطفل بالحيرة بين إحساسه بإنه لا زال طفلاً ..لكنه على أبواب مرحلة جديدة عليه أن يواجهها بتغيراتها النفسية والجسمية التي يشعر بها قد طرأت على جسده مع استمرار نموه .
إن أول الأمور الهامه التي علينا أن نهتم بها هي أن نتعلم الأسس التربوية السليمة في تربية أبناؤنا في سن المراهقة ..وهي امتداد للأسلوب الديمقراطي الحازم الحنون القائم على التشجيع والإرشاد في حل مشاكلهم ..وتحمل نتائج أفعالهم ..لإن خبراء التربية يعتقدون أن هذا الأسلوب هو من أفضل الأساليب التربوية النفسية في التعامل مع الأبناء في جميع مراحل حياتهم .
لكن علينا أن ندرك أن من أصعب الأمور التي يواجهها الآباء هو رغبة أبنائهم المتزايدة في الحصول على المزيد من الحرية والإستقلالية والمسئولية ..فهم يريدون أن يشاركوا أكثر في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم ويريدون أن يقودوا حياتهم بإنفسهم و ويرغبون في التفوض مع آبائهم في صياغة القواعد الأساسية التي كانت تتحكم في حياتهم كأطفال لإنهم يعتقدون أنهم تجاوزوا هذه المرحلة إلى سن البلوغ .
إلا أن الآباء من جهة أخرى يشعرون أن عليهم أن يعملوا على توازن خطواتهم وهم يتعاملون مع أبنائهم في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم .. وماهومقدار الحرية التي يمكن منحهم إياها ..ويكونوا قادرين على القيام بها ؟ ..وكيف يمكنهم معرفة مدى تحملهم لهذه المسؤلية ..وهل يمنحوهم المزيد من الحرية والمسؤلية مثلما يطلبون ؟ .
لذلك سأتناول كيفية تعامل هؤلاء الآباء مع أبنائهم المراهقين من ناحية نفسية و تربوية عملية .. حتى يتمكنوا أن يصلوا بهم بسلام إلى مرحلة النضج والمسؤلية التي قاموا بزرعها في نفوسهم منذ سنوات الطفولة بما اتبعوه من طرق تربوية نفسية ديمقراطية حازمة ذكرتها في حلقاتي السابقة .
وبالطبع كل ما أذكره نابع من آراء خبراء التربية النفسية التي وضعوها للآباء لمساعدتهم على التعامل مع أبنائهم في خلال هذه الفترة الهامة التي تتطلب الكثير من الصبر والتواصل والفهم منهم .
إن أكثر ما يميز مرحلة المراهقة شعور الأبناء بالحيرة التي تدفعم إلى الفوضى في تصرفاتهم في أغلب الأحيان ..أما سبب ذلك فيعود إلى التغيرات الجسدية التي تطرأ علي أجسامهم وما يصاحبها من تطور جنسي مصاحب يتغيرات عاطفية تدفعهم إلى تفكير وسلوك يندفع إلى طلب المزيد من الإستقلالية من آبائهم بإسلوب محير لهم و وللمراهقين أنفسهم .
إذن نحن نلاحظ أن هنا ك قدرتين متطورتين تتكون لدى الأطفال في سن المراهقة لهما أكبر الأثر على الطرق التي يفكر بها الأبناء في هذه المرحلة .
الأولى : لها علاقة بالتغير الذي يطرأ على ذكائهم وقدرتهم على التفكير بمنطقية مثل الكبار.
أما الثانية فإن لها علاقة بمحاولة استقلال الشخصية والتوجه نحو الإحساس بالخصوصية
لقد أثبتت بحوث العالمة النفسانية (جين بياجيه) حول تطور ذكاء الأطفال أن التغيير الهام يحدث في مرحلة المراهقة .. إذ يصبح لدى الأطفال القدرة على التفكير المجرد .. حيث تنمو لديهم القدرة على التفكير بطريقة
منطقية حول مختلف الإحتمالات المتعلقة بالمستقبل ..ويستطيعون تقييم وجهات النظر المؤيدة والمعارضة بطريقة قائمة على مواقف افتراضية ...وهم عكس الأطفال الذين يتعاملون في الغالب مع الحاضر.. لإنهم يهتمون كثيراً بمستقبلهم .. ولا تصبح أفكارهم محددة بمنظورهم الخاص بالواقع المباشر الذي يعيشونه .. ومعنى ذلك أنهم يصبحون مسلحين بالقدرة العقلية على المشاركة في اتخاذ القرار وحل المشاكل التي تواجههم ويصبحواأكثر قدرة على التفكير والتخطيط للمستقبل والكشف عن النتائج للمواقف العمليةالتي يمرون بها .. كما أنهم يدركون النتائج الطويلة المدى .. أما على المدى القصير فإنهم يكونون قادرين على أن يبدأوا ليختبروا الحدود بقدرتهم العقلية و بتصرفاتهم .